هى مسرحية جميلة كاتبها هو الأستاذ على أحمد باكثير الذى يعتبر من أعظم الكتاب المعاصرين، وله مسرحيات ورويات رائعة تتميز بأسلوب رقيق سلس ولغة راقية وأفكارمبتكرة وأحداث تسير فى تسلسل منطقى يجعل القارئ يشعر بمعايشة تامة لها، وكأنه جزء منها.
الغريب إن حتى الأعمال التى تقع أحداثها فى فترات تاريخية يشعر القارئ إن شخصياتها حية أى إنه قابلها فى الحياة، وذلك لأنه يصف ويحلل أدق ما فى النفس البشرية من أحسيس مرهفة، و مشاعر صادقة التى لا تتغيرلاختلاف الزمان.
كما تعبرأيضا عن فكر واعى وفهم للحياة، ولدوافع البشر فى أحداث نابضة ليس بها أى تشابك أوصعوبة فى فهم تصرفات الشخصيات، ويتضح ذلك فى معظم ما أبدع مثل أمبراطوريه فى المزاد، وحبل الغسيل، وسر شهرازاد، وله أعمال تاريخية ذو صبغة دينية رائعة، مثل وإسلاماه والشيماء وعمر وسيره شجاع .
أما السلسلة والغفران فتتناول موضوع شائك و حساس، يمكن أن يقع لأي شاب طيب يستسلم لغواية الشيطان، فيجد نفسه تسبب فى موت شريكته فى الخطيئة، وهى تحاول التخلص من ثمرة الجريمة.
تبدأ الأحداث والبطل الشاب يستغفر الله ويذرف دموع التوبة، ويبكي لأنه خان صديقه، وأستغل حبسه بسبب الديون، وأغرى زوجته بالهدايا والمال، فأستسلمت له، ثم يندم ويعتبر نفسه مسئول عن موتها.
وحاول من خلال الأحداث ان يكفر عن الخطأ الفادح الذى وقع فيه بدون الاساءة إلى أحد، فيقوم برعايه والدة الفتاه المتوفاه، والانفاق عليها، رعم معاملتها السيئة له وتهديدها الدائم بفضحه أمام الناس.
ولكنها تسكت حفاظًا على سمعة ابنتها، و تظل تتحين الفرصة للانتقام منه، متغافلة تمامًا عن اشتراك ابنتها معه فى نفس الجرم، حتى وإن كان الشاب يعتبر إن وفاتها فى ريعان الشباب مسئوليته وحده.
ويحاول التكفير عن ذنبه فيؤدى الدين الذى كان السبب فى حبس صديقه زوج المتوفاه، ويشاركه فى تجارة ليعوض خسارته، ثم تتاح فرصه الانتقام أمام والدة المتوفاه، عندما يخطب الشاب ابنه أحد الجنود الكبار فى الجيش،
وتكتشف أن العروس فخورة بأبيها وتتمنى الزواج من جندى مثله، فتزين لها التمرد على خطيبها الطيب حتى بعد اقامه حفل العرس وانتقالها الى بيته، فيحسب ذلك دلال ويفضل ألا يثقل عليها، ويتركها ويسافر دون ان يدخل بها.
فتقع فى نفس الخطأ الذى وقع هو فيه من قبل، فتحمل من شقيق الفتاة المتوفاه سفاحًا وتخبره بذلك فيسامح الشاب زوجته، ويدعى أن الطفل ابنه ويربيه أملًا في انقطاع سلسله الخطيئة بالغفران.
ولكن شقيق المتوفاه يفاجأ أيضا بحمل زوجته سفاحًا فيقتلها ويحبس، وتحضر والدة المتوفاه تريد أخذ حفيدها الذى لم يعد لها غيره بعد حبس أبنها، وتجد الشاب الطيب مريض، وفى لحظه جنون تخبر شقيق الشاب – الطامع فى أموله – بحقيقه هذا الولد الذى يمنعه من ميرث شقيقه.
فيعده الشاب بسدس ماله مقابل حفظ السر فيقبل الأخ، ثم يطلب الشاب الصفح من صديقه زوج المتوفاه، ويعترف له بخطئه فيسامحه، أما الدة المتوفاه فتندم على مافعلته بالشاب الوحيد الذى كان يعطف عليها فتسامحه، فيموت قرير العين مرتاح الضمير، لانقطاع سلسله الخطايا بالغفران.
ربما يظن البعض أن الشاب بالع في ندمه، وكان عليه فقط أن يستغفر الله بصرف النظر عما سببه خطأه من توابع، ولكن غفران الله لا يتم إلا برد الحقوق والمظالم وتحمل مسئولية الفعل مهما كان، وكثير من مشكلاتنا ومصائبنا يكون سببها، تهربنا من دفع اثمان أخطاء تناسيناها او تغافلنا عنها.
ولن يرضى الله عنا إلا إذا فعلنا فاحشة أو ظلمنا أنفسنا أو غيرنا، اعترفنا بذنوبنا وتحملنا نتائجها، فهي مهما بلغت أخف كثيرًا من غضب الله علينا، وعقابه لنا في الدنيا والأخرة، ونسأل الله السلامة والعفو فهو سبحانه غفار الذنوب.