Ola El-Fouly

أديب من طراز خاص اشتهر بنوعيات جديده على المكتبه العربية، ربما لم يطرقها غيره، ولعل أشهرها الصياغته الأدبية المتميزة  لقضايا أو عمليات جاسوسية  حدثت بالفعل مثل: الصعود إلى الهاوية و الحفار و الدموع فى عيون وقحة و نساء فى قطار الجاسوسية و رأفت الهجان.

 وكلها كتابات رائعة وتحول أغلبها إلى أعمال فنية مميزة على الشاشة الفضية والشاشة الصغيرة و نجحت فى إلقاء الضوء على هذا العالم الغريب، و على أبطال حقيقين قدموا فى صمت خدمات جليلة لبلادنا الحبيبة.

كما إنه قدم أعمال أدبية رائعة عن عالم البحارة، وهى أيضًا نوعية جديدة على القارئ العربى إلا من خلال الكتب المترجمة، ومن اجمل هذه القصص، البحر، ورساله الى رجل ميت، والبحار مندى.

وهى قصص تنقل القارئ إلى عالم غريب جذاب، تتميز شخصياته الرئيسية بالثراء الفكرى، وغرابة الطباع، والشجاعه التى تصل إلى تحدى المخاطر، والتجوال فى أنحاء المعمورة، وكأن الأرض عادت بلا حدود، كلها ملك لرجال احترفوا المغامرة

 ولا أدرى إن كان عمله السابق كضابط بحرى قبل أن يتفرغ للأدب جعله يقترب من هذا العالم، فيصفه بهذه الدقة والروعة أم إن هذا خيال خصب اقترب إلى درجة عالية من الواقع.

فالشخصيات على غرابتها، نابضه بالحياة تشعر، وكأنك ستعرفهم إذا شاهدتهم فى مكان ما، ومن أبرع ما كتب شخصيه بحار قديم مسن، اكتسب حكمة فطرية من حياته الغريبه  فتعلم كيف يبحر فى كتاب الكون.

أو ربما كانت مخالطته لنوعيات عديدة من البشر، المختلفين فى الطباع والأمزجة والمهارات، وطرق التفكير الفضل فى علمه وفهمه للكثير من الأمور يجهلها بعض حملة أعلى الشهادات.

فهو لو تعلم من كل واحد قابله فى حياته  شئ ،  لصار موسوعه تمشى على قدمين، تتمنى لو تقابله و تتعلم منه، أو حتى تستمع إليه ولو مرة واحدة.

وستكتشف من قراءتك لهذه القصص، إن الاستقرار ليس غريزة فى كل البشر، فالبعض  يهوى الترحال، و يعشق المغامرة وربما المخاطرة، وكأنهم لا يخشون شئ.

 فالناس عاده تخشى الموت وهم يرونه موجود على الأرض، كما هو فى البحر، فيرحلون أشهر طويلة بعيدًا عن زوجاتهم و أولادهم،ربما تعتقد إن قلوبهم كالصخر، ولكن الحقيقه تختلف، فهم ليسوا نوع اخر من البشر.

هم مثلنا يعرفون الحب والخوف و القلق والشوق وكل مشاعرنا، ولكن ظروفهم وعالمهم مختلف عن العالم المستقر على الأرض، وهذا العالم يكسبهم بعض السمات المميزة التى عبر عنها صالح مرسى ببراعة ووعى، و رسم رائع للشخصيات وتسلسل ممتع للأحداث.

و فى رأيى الشخصى إن قصه السجين كانت أجمل ما كتب، وبطل القصه  طفل فى الحادى عشر من عمره، وهو يصف فيها مشاعر طفل يعيش فى ظروف فقيرة، ولكنه ليس من أسرة معدمة.

 يعامله والده بقسوة ليكون رجل صالح قوى، وبطولة الأطفال للقصص الأدبية قليلة واشهرها وأروعها “اوليفر تويست” للكاتب الأنجليزى العظيم تشارلز دكنز، وإن كنت أعتقد ان قصه صالح مرسى السجين، تفوقت عليها فى نواحي كثيرة.

أبرزها وصف معاناه  الطفل الداخلية، و اختلاط مشاعر الحب والكراهية والخوف من المجهول والعقاب والفضول والرغبة فى المغامرة، وأتمنى أن يقرأ الأباء كل الأباء هذه القصة ليعلموا ماذا تفعل القسوة فى فلزات اكبادهم ونور أعينهم.

وكيف يسيئون إلى أقرب الناس إليهم وهم يريدون اصلاحهم، وستجد بالضرورة اشياء مماثله تفعلها مع اولادك، و حتى لو كنت تظن نفسك اب مثالي، فوجهه نظر الأبناء مختلفة عن رد فعل الأبناء.

وقد يكون الأب معذور أو متصور معنى خاطئ للتربية، ولكن العلم بهذه المشاعر، سيخفف من حدة القسوة غير المقصودة على الأقل.

ولصالح مرسى كتب أخرى لا تقل روعه عن هذه القصص، ولكن عن موضوعات مختلفه مثل الكذاب، و أذكى طفل فى العالم، وساميه فهمى، وهم وأنا، و كلها أعمال رائعة،  رحم الله هذا الأديب الموهوب الذى قدم لنا الفائدة والمتعة، و أطلعنا على عوالم غريبة لم نكن نعرف عنها إلا أقل القليل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

en_USEnglish