Ola El-Fouly

إنتهيت اليوم من مشاهدة الموسم الأول من المسلسل التركى الشهير "قيامة أرطغرل" وبإذن الله أجد وقت يكون عندى وقت فراغ، أشاهد الموسم الثانى المكون من 110 حلقة، وكان الجزء الأول رغم طوله الشديد 81 حلقة، و تكرار عدة المشاهد بالكامل، لكنه مشوق جدًا وفى غاية اللطف.

كان سيزداد روعة لو أصبح 40 حلقة، لن أقول أقل لأن المشاهد الطويلة مدروسة بدقة لا تسبب الملل، ولكن إختصارها أفضل من وجهة نظرى، و الحقيقة المسلسل على حاله جميل جدًا، القصة لطيفة، و المناظر الطبيعية غاية فى الإبهار، و التصوير متميز، و أداء الممثلين ممتاز، و إخراج رائع.

الغريب هو الحملة الشعواء على المسلسل، بزعم إنه يشوه التاريخ و يعظم الدور التركى و يظهر الأتراك على إنهم أبطال، و لهم دور عظيم فى تاريخ البشرية والأسلام، و الحقيقة كلها إعتراضات غريبة جدًا.

هل مطلوب من المسلسلات أو حتى الروايات كتابة التاريخ حرفيًا، بالطبع هذا هراء، و لو صح هذا لما كان هناك داعى لكتب التاريخ والدراسات و الأفلام الوثائقية، لان المسلسل فى النهاية حكاية مجرد حكاية، ومن الطبيعى أن يكون بها شئ من المبالغة، أو حتى كثير من المغالطات لتعظيم الدور التركى، كما يحدث فى كل دول العالم عندما تنتج أفلام او مسلسلات عن أبطالها.

وأحب أن أشير أنى لست من هواة مشاهدة المسلسلات الطويلة، و حتى القصيرة أو العادية نادرًا ما أتابعها، لكنى تابعت المسلسل بعد مشاهدة حلقة د. كريم على قال "أن سيدة رومانية أسلمت بعد مشاهدة مسلسل أرطغرل" فأردت أن أشاهد صورة جميلة عن المسلمين، لاننا بالفعل متعطشين إلى بطل، حتى لو فى المسلسلات.

و أنا من هواة المسلسلات والأفلام التاريخية و أفلام المغامرات و الحروب القديمة والبطولات، لذا أعجبنى المسلسل جدًا، رغم أنى لا أحب المسلسلات التركية ولم أتابعها أبدًا بسبب طولها المبالغ فيه، و الرومانسية المملة، و أتذكر من عدة سنوات كنت أتابع برنامج يعجبنى قبل أنتشار نشر حلقات البرامج على اليوتيوب، - مع الأسف فى قناة لا تحترم مواعيد إذاعة برامجها- كان يأتى قبله مسلسل تركى، فكنت أحيانًا اقلب القنوات واتوقف عنده قليلًا، فلا أحتمل المتابعة أكثر من خمس دقائق، بسبب الملل والتطويل وعدم تدفق الأحداث بصورة معقولة.

أسعدنى أن الدراما التركية بدأت تدخل مجال جميل مثل المسلسلات التاريخية، و بالطبع لانى أتابع المسلسل يقترح على اليوتيوب موضوعات شبيهة، وأغلبها هجوم على المسلسل، وبالطبع لم أهتم بها ولم أحاول فتح أى فيديو، وتذكرت الحملة الشعواء التى كانت منذ فترة على فيلم صلاح الدين، و كلها تدور حول الطعن فى شخص صلاح الدين، ولا أدرى لماذا تقوم حملة للطعن فى حق شخصية تاريخية، أو حتى على فيلم مضى على عرضة أكثر من ستين عام، و ما الفرق أن كان القائد عيسى العوام مسلم أم مسيحى مالنا وهذا، أو حاكم عكا الذى لم يذكر أسمه فى الفيلم مرة واحدة كان خائن أم لا، أو صلاح الدين كان يفهم فى الطب وعالج ريتشرد بنفسه أم أرسل له طبيبه الخاص، و كلام سخيف لا يهم أحد، ولكن المهم أن صلاح الدين فيلم جميل و أرطغرل مسلسل جميل يستحق المشاهدة.

لماذا نريد تشويه كل شئ جميل فى حياتنا بإشاعات سخيفة، وعداء بلا جدوى أو حتى بلا طائل، ماذا سيستفيد من يهاجم مسلسل أو فيلم يمجد بطولاتنا، و يخلد ذكر أبطالنا سواء كانوا من المصريين أو عرب أو مسلمين أو غير ذلك مثلما تفعل كل الدول.

ماذا سيستفيد من يروج إشاعات تسئ لفنان أو فنانة مات من أربعين سنة؟ هل لان من مات لا يستطيع الدفاع عن نفسه، أو مات من يعرفون الحقيقة؟

لست من هواة نظرية المؤامرة ولكن من المنطقى أن نشر هذه الحملات المسعورة لا يتم إلا بتمويل كبير، و هذا يعنى أن وراءه هدف، هو نزع ثقتنا فى أنفسنا وتشويه صورة فننا و تاريخنا، و كل ما له قيمة فى أعين أجيالنا حتى لا يتبقى لهم شئ يفتخرون به، فيدمرون ثقتهم فى كل شئ يسمعونه أو يشاهدوه، فينهزموا من داخلهم بسهولة و ليس مجرد إفلاس أو تصفية حسابات قديمة.

نحن لدينا الكثير من الأبطال الحقيقيين، تستحق قصصهم أن تروى فى المسلسلات والأفلام الدينية والتاريخية، و ليت الدولة تتدارك الخطأ الكبير الذى وقعت فيه، عندما رفعت ثمن تصوير الأفلام فى الأماكن التاريخية الحقيقية حتى جعلت التكلفة باهظة ولا تتحملها شركات الإنتاج، و إذا كان لابد من أخذ رسوم فما المانع أن تؤخذ الرسوم من الإيرادات، فتقل تكلفة العمل قبل عرضه، ويكفى تكاليف الملابس والديكورات والأجور و المجاميع.

أجيالنا الجديدة تحتاج أن تستمع و تشاهد قصص نجاحات و تشاهد أبطال يمثلون قدوة حقيقية، وليس مجرد عرض لواقع مشوه و شخصيات بائسة، تسمى نفسها ظلمًا وعدوانًا أبطال، متى نفيق ونعرف أننا نطمس هويتنا بأنفسنا ونضيع أبنائنا بأيدينا وليس فقط بأيدى أعدائنا، فالأمم تنهزم من الداخل وتنتصر أيضًا من الداخل، ولا أدعى أن الأفلام او المسلسلات قادرة على تغير واقعنا و زرع الثقة فى نفوس أبنائنا، ولكنها خطوة فى الأتجاة الصحيح نتمنى أن نبدأ بأى شئ ولو بسيط، وسيحدث فرق، وإن شاء الله تأتى خطوات تكمل الطريق بالعلم و العمل فى كل المجالات الممكنة، من أجل مستقبل نجد لنا فيه مكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

en_USEnglish