Ola El-Fouly

يقول استاذنا محمود عوض فى مقدمه كتابه الرائع متمردون لوجه الله، ليس معنى قوه الأمر الواقع السيئ الأنقياد له والتسليم، فالتمرد دائما اختيار وحيد مادمت ترى الحق معك ولا يعنى قوه الباطل وكثره مؤيديه انهم على صواب. 

المشكلة إن للتمرد ثمن فادح، لابد أن يكون المتمرد على وعيه به و إستعداد لدفعه،  فالمتمرد يتمرد ضد فساد ونفاق مجتمعه وعصره وضد الرضا عن الذات وضد الاستسلام للواقع.

إنه الصمود والإصرار على تحدى الواقع العام والشخصى من أجل منفعة عامة وليس منفعة شخصية، فهو يصنع من نفسه قربانًا لمجتمعه، و الى أن ينجح  فى تغير المجتمع يتحمل عذاب بلا حدود.

 أن كل منا متمرد فى لحظة أو أخرى ولكن الذى يصنع من تمرده طاقة إيجابية لخدمة مجتمعه وبلده هو المتمرد لوجه الله. 

والسؤال الذى لابد أن يطرح:

كيف نعيش احرار؟  لا مجرد ان نعيش فقط، لنتحترم انفسنا، لا نحافظ فقط عليها.

هذا يعنى ان يكون لنا دائما الحق فى الإختيار وندافع عن حقنا ونتمسك بحريتنا وحقنا فى الإحتجاج على واقع  مهما كان قويا، فالقوة لا تعنى الحق وتمسكنا بالحق والحرية قد يكون على حساب العيش، ولابد ان نلاحظ إن الناس لا يجب إرغامهم على أن يكونوا أحرار، ولكن تنبيههم  الى أهمية أن يكونوا أحرار.

فالحرية هدف فى ذاتها وليس وسيلة  لهدف أخر،   ولهذا لابد أن نحارب الكسل العقلى المتفشى فى مجتمعنا، لان ذلك خطر حقيقى على المجتمع.  

نحن ندرس التاريخ لنفهم  و لنغير الواقع الذى نرفض ظلمه لنا، و السلطه ترى فى المتمردين متحدين لها، ولكنهم أصبحوا متمردون لإن واقع مجتمعهم مخيب لأمالهم، فتمردوا عليه إيمانًا منهم بقدرتنا على  تغير المجتمع والارتفاع بمستواه اكثر من السلطه، ولهذا حاربتهم لأنهم تحديًا لها وكشف لضحالتها.

ولابد من دفع ثمن التمرد، فالانسان هو ما يحارب من أجله، فالتحدى مازال قائمًا، لان قضيتنا أن نواجه مجتمعنا، ولا يوجد أمامنا إلا خيارين إما بالإستسلام له او بالتمرد عليه.

هل نملك رصيد من الحيويه والإرادة و الإصرار و الإيمان والقدرة على التحدى لنحقق لمجتمعنا النهضة التى يستحقها؟ 

هل نعيش لحساب واقعنا أم نعيد صياغته لكى يصبح لحسابنا؟ 

إنها قضيه مبدأ وإختيار فالمجتمع عظيم بقدر ما نعطيه من عقولنا ومتقدم بقدر ما نتمرد لحسابه، هذه خلاصه تجارب من التاريخ قدمها لنا الأستاذ باسلوبه الشيق البديع ولكنها تصلح لهذا الواقع السيئ الذى نعانى منه، و لا نستطيع التعايش معه او إحتماله ولكن السؤال الذى يفرض نفسه دائمًا

هل نتمرد؟

من أجل العيش و الحرية و العدالة و الكرامة للجميع ؟

من أجل مستقبل لأولادنا؟

من أجل كل ذرة من تراب هذا الوطن التى رواها أباءنا وأجدادنا بدماءهم؟

والأهم:

هل نستطيع أن نتمرد لوجه الله و الوطن و المبدأ؟

وهل نستطيع ان ندفع الثمن الذى نبهنا اليه؟

إننا فى هذه الحالة لا نواجه السلطة بقوتها و جبروتها و جنونها وحدها، بل نواجه معها جزء كبير من مجتمعنا يستسلم لها و يبارك ظلمها وتجبرها وجنونها، نفاقًا او جبنًا أو حتى حبًا حقيقيًا للزعيم أو يدافع عنها دفاعًا عن مصالحه أو أحلامه التى بناها على الرمال و صدقها، لا لانها معقولة ولكن لانه يريد أن يصدقها و يستسلم لها.

لابد أن نعترف أن جزء من مجتمعنا يخاف التمرد و يكرهه ويكره المتمردين لانهم يكشفون ضعفه و ضألته أمام نفسه، فيدافع بكل قوة عن الظالم المستبد، و يهاجم بكل قوه أى نقد له –ولو من بعيد-و رغم سوء الاحوال وكذب الوعود يقنع نفسه إن الخطأ ليس خطأ الرئيس ولكن من حوله مؤامرات داخليه وخارجيه.

صحيح إن عدد هؤلاء يتناقص بمرور الأيام بسبب سوء الأحوال و ضياع مصالح البعض و كثره المظالم ولكن هؤلاء يبحثون عن مخلص أخر، وليس متمرد عادى مثلهم، يريدون بطل ليصلح ما أفسده الدهر.

وهذه هى مشكلتهم ومشكله المتمردين ايضا، لان المتمرد لوجه الله يريد أن يصلح مجتمعه لا ان يحارب أهله او يجبرهم على الحريه، يريد أن يعلمهم التمسك بالحق و العدل، فهو دائما قدوة لهم طاقة من النور قد يطفئوها الظلم و الجهل حيناً، ولكنها تبقى دائماً الأمل فى  مستقبل أفضل يعلم الله وحده متى سيأتى.   

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

arArabic